كن على منهاج النبوة حقاً .. علماً وعملاً - الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
جزاك اللهُ خيرًا، وهذا تفريغٌ لهذه النَّصيحة القيِّمة مِن الشَّيخ رسلان حفظه الله، وتتعلَّق بالاهتِداء للعمل بالعلم، وهو مِن دعائم وخصائص مِنهاج النُّبُوَّة... أسألُ اللهَ ينفع بها.• فمِن خصائصِ مِنهاجِ النُّبّوَّة العلم والعمل، وما يتعلَّق بذلك ويتَّصِلُ به.
كثيرٌ مِن إخوانِنا مِمَّن ينتمي إلى مِنهاج النُّبُوَّة، ومِمَّن يقُول إنَّه على منهجِ السَّلَفِ، لا عمل عنده! عندهم كلامٌ كثيرٌ، يتكلَّمُون كثيرًا، والواحدُ مِنهم تجِدُهُ أحيانًا في جِدالٍ، وفي مِراءٍ، وفي مُخاصمةٍ مع إخوانه لا مع المُخَالِفين، وتجِده فظًا غليظ القلبِ، وتجِد القسْوة قد انطوَتْ عليها جوانحه، لا عبادة باللَّيل، ولا ذِكر، ولا مُحاسبة للنَّفس، ولا إقبال على تهذيب الطِّباع والقلب.
هذه أُمُورٌ مِن الأُمور الأوَّليَّة في دين الله تبارك وتعالى، لا بُدَّ مِن تنقية الضَّمير، ومِن تصفية النَّفس، وتهذيب الطِّباع، لا بُدَّ أنْ تنساق الطِّباعُ للدِّين.
كثيرٌ مِن إخوانك يقول: اعذرني؛ فإنِّي غضُوبٌ. نعم وقد أوصاك النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم بقول الحقِّ، وبالعدل في الرِّضا والغضب، أنْ يحكُمُك الدِّين، لا أنْ يحكُم الدِّينَ طباعُك، فكثيرٌ مِن النَّاس تحكُم طِباعُهم الدِّينَ، يقول: أنا عندي هذه الأخلاق! ولماذا لم يُهذِّبْك الدِّينُ؟ لماذا؟!
إنَّ الصَّحابة كانُوا قبل إسلامِهم كافِرين ـ وتعرف معنى الكُفر ـ يعبُدُون الأصنام، وهل بعد الكُفر ذنب؟! ومع ذلك هذَّبَهم الدِّينُ؛ فصاروا خير جيل على ظَهر الأرض، وخير البشر بعد الأنبياء والمُرسَلِين، وكانُوا قبلُ كافِرين، كان النَّاس يأكُلُون الميتة، ويئِدُون البنات، ويذبحُون لغير الله، ويعتدي بعضُهم على بعضٍ، يظلِمُون لا يتورَّعُون، ويشرَبون الخمرَ، يقتُلُون لأتْفه الأسباب، يقتُلُهم أخذُ الثأرات، إلى غير ذلك مِن المُنكرات، ومع ذلك لَمَّا التزَمُوا دينَ اللهِ؛ هذَّب طِباعَهم، وقوَّم سُلُوكَهم، وأقامهم على الصِّراط المُستقيم، والنَّبيُّ يُقوِّمهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
لَمَّا عيَّر أبو ذرٍّ بلالاً رضي الله عنهما بأُمِّه، قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعيَّرته بأُمِّه؟ إنَّك إمرؤٌ فيك جاهليَّة، قال: أعَلى كِبر سِني يا رسول الله؟ قال: على كبر سنِّك.
يحكُمك دينُ الله ربِّ العالَمين، لا تحكُم طِباعُك في الدِّين، وإذا خرج الإنسان عن الإطار؛ ينبغي عليه أنْ يعُود، وأنْ يكُون رجَّاعًا للحقِّ.
فخصائصُ مِنهاج النُّبُوَّة مِن أهمِّ ركائزِها العلم والعمل، أنْ يتحوَّل النَّصُّ عندك إلى واقعٍ، إلى عملٍ، لا أنْ تحشو ذِهنَك بكلامٍ، وأنْ تحمِل على صفحة قلبك كلامًا، وإنَّما أنْ تُحوِّل هذا الكلام وتِلك التَّعاليم، أنْ تُحوِّل الشَّريعة إلى واقع يُعاش؛ وحينئذِ تكُون مُنتميًا حقًّا إلى مِنهاج النُّبُوَّة.