إنَّ هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم

قال الشيخ ابن عثيمين إنني لواثق من أنه إذا عُرِض الإسلام عرضاً صحيحًا على حسب ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسيكون مقبولاً لدى النفوس؛لأن الإسلام دين الفطرة يقبله كل ذي فطرة سليمة ولا يحتاج إلى كبير عناء بمجرد أن يشهد الرجل أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإنه سوف يقبل هذا بفطرته التي فطر الله بها عباده

العقيدة

آخر الأخبار

العقيدة
الفوائد
جاري التحميل ...

🔺 التحاكم إلى أنظمةٍ تخالف شرع الله ليس على درجة واحدة، بل هو على أقسام، ولابد من #ضبطها حتى لا تختلط الامور-:


#فائدة 

◾️ قال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله: 

🔺 التحاكم إلى أنظمةٍ تخالف شرع الله ليس على درجة واحدة، بل هو على أقسام، ولابد من #ضبطها حتى لا تختلط الامور-: 

⏪القسم الأوّل: أن يتحاكم المتحاكم إلى تلك الأنظمة متنقِّصًا شرع الله، وكارهًا لشرع الله. مثل: أن يَستكبر عن شرع الله، ويرى أنه أكبر من أن يُحكَم عليه بشرع الله سبحانه وتعالى، أو يقول: الشريعة لا دخل لها في هذه الأمور، هذه تجارة، ما دَخْلُ الدين في التجارة؟ فهو يتحاكم إلى الأنظمة مع إعراضه عن حكم الله، وكراهيته لحكم الله، وهذا –والعياذ بالله- كفر أكبر. 

⏪ القسم الثاني: أن يتحاكم إلى تلك الأنظمة المخالفة لشرع الله وهو يعتقد أنها أحسن من حكم الله، وأحرى بتحقيق العدل من حكم الله، وهذا كفر أكبر. 

⏪ القسم الثالث: أن يتحاكم إلى تلك الأنظمة المخالفة لشرع الله عز وجل وهو يعتقد أنها مساوية لشرع الله، فالكل عنده سواء، فما جاء في كتاب الله، وما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده مساوٍ لِمَا جاء في كتاب القانون الفرنسي، أو القانون الإنجليزي، أو ما وضعه بما يسمّونهم بفقهاء القانون مما يخالف شرع الله، وهذا -أيضًا- كفر أكبر. 

⏪ القسم الرابع: أن يتحاكم إلى تلك الأنظمة المخالفة لشرع الله وهو يعتقد أنّ حكم الله أحسن وأكمل وأعدل لكن يعتقد أنه يجوز التحاكم إلى ما خالَفه، إذا كلمته قال: نعم حُكم الله أحسن للناس وأكمل لكن يجوز التحاكم إلى ما يخالف حكم الله، وهذا أيضًا كفر أكبر....
وتلْحَظون هنا أمرين لابد منهما: 

🔺الأمر الأوّل: أنّ الحكم هنا على الفعل، لا على الفاعل، نحن هنا لا نحكم على المتحاكِم و لكن نَحكم على التحاكم الذي هو الفعل، أمّا الحكم على الفاعل فله شأن آخر يُنظَر فيه في اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، كما هو معلوم.

🔺الأمر الثاني: أنّ هذه الأحكام المذكورة متعلقة بأمر خفي، متعلقة بما في القلب، فلا يجوز لأحد أن يتسلط على قلوب الناس، فيقول: هذا يعتقد كذا، وهذا يعتقد كذا، إلا إذا صرَّح هو بمعتقده، والأصل فيمَن أتى بالشهادتين الإسلام حتى يَثبُت خلاف ذلك. 
إذن؛ ذكرنا أربعة أقسام كلها من الكفر الأكبر.

⏪ القسم الخامس: أن يتحاكم إلى تلك الأنظمة وهو يعتقد أنه عاص ولكن تغلبه شهوته وهواه، فهذه كبيرة من كبائر الذنوب وليست كفرا...

🔺بقي أمرٌ يتحدَّث عنه العلماء ويحتاجه الناس ولابد من بيانه: وهو التحاكم إلى أنظمة تخالف شرع الله حال الاضطرار، إذا كان الإنسان مضطرًا، مثال ذلك: تعامَل تاجر مسلم مع تاجر كافر في بلد ذلك التاجر الكافر، ثم وقعت بينهما خصومة، فهنا لا يمكن للتاجر أن يتحاكم إلى المحاكم الشرعية في البلد المسلم؛ لأنّ القضية وقعت في بلد الكفر، فهو بين أمرين: 
- إمّا أن يتحاكم إلى المحاكم في بلاد الكفر وهي تحكم بالأنظمة التي تخالف شرع الله. 
- وإمّا أن يُضيع حقَّه. 
فما عنده إلا أحد هذين الطريقين. 
وأشد من ذلك اضطرارًا: لو أنّ التاجر الكافر رفع القضية إلى المحكمة في بلاده، في هذه الحال التاجر المسلم ما عنده أيّ اختيار هل يرفع أو لا يرفع، القضية رُفِعت، وهو ملزم. 
ومن صور الاضطرار التي تقع بين المسلمين الذين يعشون في أوروبا: مثلًا: لو أنّ رجلًا ترك زوجته وهجرها، وأبى أن يطلقها، فهي إمّا أن تبقى معلقة لا مُزوَّجة ولا مطلقة طول عمرها مع الفتن والبلاء، وإمّا أن ترفع أمرها إلى المحاكم في تلك البلد لتحكم لها، فهي في حال ضرورة. 
هنا من أهل العلم من يقول: يترك حقه ما لم تَستحكم الضرورة، يقولون: لا يجوز أن يترافع إلى تلك المحاكم؛ لخطورة الأمر، ما لم تستحكم الضرورة، فيبقى لا اختيار مطلقًا، مثل ما ذكرت في المثال الثاني رُفعت القضية من قِبَل الكافر فهو ما أمامه خيار إلا أن يأتي، وإلا يتضرر ضررًا بالغًا، وقد يُحجَز على ماله كله، ومثل المرأة التي مثَّلنا لها ولو كانت فتيَّة وخافت على عرضها وعلى دينها لو استمرت على هذا الحال؛ فهنا يجوز.

وقال أكثر العلماء -وهو الراجح-: يجوز له أن يتحاكم إلى تلك الأنظمة مع كراهيته له  #بشروط: 

⏪ الشرط الأوّل: أن يكون كارهًا لتلك الأنظمة، ولا يرضى بها، وقلبه متطمئن بأن شرع الله هو الحق، ولكنه مكرَه، فهو يذهب إليها مكرهًا كارهًا. 

⏪ الشرط الثاني: أن يكون الضرر متحقِّقًا، ليس موهومًا ولا متوقعًا؛ وإنما متحقق وموجود. 

⏪ الشرط الثالث: أن يكون الضرر عظيمًا، ما تكون في عشرة آلاف أو عشرين ألف، فمفسدة التحاكم إلى تلك الأنظمة أعظم من مفسدة ذهابها، وإنما يكون الضرر عظيمًا، والمفسدة فيه عظيمة. 

⏪ الشرط الرابع: أن لا يوجد طريق غير تلك المحاكم. يعني المرأة هذه التي ضربنا لها مثالًا لو كان يوجد مركز إسلامي ينظر بمقتضى الشرع ويحكم لها حكمًا ملزِمًا لا يجوز لها أن تذهب إلى تلك المحاكم

⏪ الشرط الخامس: أن يقتصر المتحاكم على حقه الشرعي ولا يأخذ ما يزيد على ذلك. يعني يأخذ فقط حقه الشرعي الذي لو تحاكم إلى محكمة شرعية حكمت له به، وألا يزيد على ذلك، ما زاد عن حقه الشرعي حتى لو حكمت به المحكمة هذه لا يجوز له أن يأخذه، بل يقتصر على حقه الشرعي. 
فإذا كان ذلك كذلك؛ فإنّا تكلمنا عن التحاكم لا عن الحكم، التحاكم غير الحكم، التحاكم هو الترافع إلى هذه الأحكام. 

🔉 الدرس الخامس والخمسون من شرح كتاب التوحيد للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله.

عن الكاتب

الفقير إلى الله

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

إنَّ هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم