قـــال_الإمام_ابنُ_القَيِّم - رَحِمَهُ اللَّه تـعالــﮯ- :
فَرِّغ خَاطِرُكَ لِلهَّ بِمَا أُمِرتَ بِه ، ولا تَشغَلهُ بِمَا ضُمِنَ لَك ،
فَإنَّ الرزقَ والأجَلَ قَرينان مَضمُونان ،
فَما دامَ الأجَلُ بَاقِيًا كانَ الرزقُ آتِيًا ،
وإذَا سُدَّ عَليكَ بحِكمَتِهِ طَريقًا من طُرقِه
فَتَحَ لَك بِرحمَتِهِ طَريقًا أنفَع لَك مِنهُ ،
فَتأمَّل حَال الجَنِين ، يَأتِيهِ غِذاؤُه وهُوَ الدَّمُ مِن طَريقٍ وَاحِدَة ، وهُوَ السُّرَّة ،
فَلَمَّا خَرَجَ مِن بَطن الأُمِّ ، وانقَطَعت تِلكَ الطَّريق ، فَتَحَ لهُ طَريقَين اثنَين ، وأجرَى لهُ فِيهمَا رِزقًا أطيَبُ وألذُ مِن الأوَلِ : لبَنًا خَالِصًا سَائِغًا ،
فَإذَا تَمَّت مُدَّة الرِّضَاع ، وانقَطعَت الطَريقَانِ بالفِطَام ، فَتَحَ طُرقًا أربَعَة أكمَلُ مِنهَا : طَعامانِ وشَرابانِ ،
فالطَعامانِ مِن الحَيَوانِ والنَّباتِ ،
والشَرابانِ مِن المِياهِ والألبانِ وما يُضافُ إليهِمَا مِن المَنافِع والمَلاذ.
فَإذَا ماتَ : انقَطَعَت عَنهُ هَذِه الطُّرق الأربَعَة ،
لَكِنَّهُ سُبحانَهُ فَتَحَ لهُ إن كَانَ سَعِيدًا طُرقًا ثَمانِيَة : وهِي أبوابُ الجنَّةِ الثَّمانِية يَدخُل مِن أيهَا شاءَ .
الفوَائِد ( صـ ٥٧ )