فائدةٌ بخصوص الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة:
قال العلامة محمد بن علي آدم الأتيوبي -رحمه الله وغفر له-: «ذكر الإِمام الحافظ أبو حاتم ابن حبان -رحمه الله تعالى- الأعذار التي تسقط فرض الجماعة، فقال: وأما العذر الذي يكون المتخلف عن إتيان الجماعات به معذورًا، فقد تتبعته في السنن كلها، فوجدتها تدل على أن العذر عشرة أشياء. اهـ. وهاك خلاصة ما قاله -رحمه الله تعالى-:
الأول: المرض الذي لا يقدر المرء معه أن يأتي الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه في كونه -صلى الله عليه وسلم- كشف الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فأراد أبو بكر أن يرتد، فأشار إليهم أن امكثوا، وألقى السِّجْفَ....
الثاني: حضور الطعام، لحديث الباب.
الثالث: النسيان الذي يعرض في بعض الأحوال، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه في نومهم عن صلاة الصبح.
الرابع: السِّمَن المفرط الذي يمنع المرء عن حضور الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه، قال: قال رجل من الأنصار -وكان ضخمًا- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لا أستطيع الصلاة معك، فلو أتيت منزلي، فصليت فيه، فأقتدي بك، فصنع الرجل طعامًا، ودعاه إلى بيته، فبسط له طرف حصير لهم، فصلى عليه ركعتين .... [أخرجه ابن حبان، وأخرج البخاري في «صحيحه» نحوه.] .
الخامس: وجود المرء حاجة الإنسان في نفسه -يعني البول والغائط- لحديث عبد الله بن الأرقم المذكور في الباب، والمراد أن يؤذيه ذلك بحيث يشغله عن الصلاة، لا ما لا يتأذى به، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يصل أحدكم، وهو يدافعه الأخبثان» [ رواه ابن حبان بإسناد قوي جـ 5 ص 428].
السادس: خوف الإنسان على نفسه وماله في طريقه إلى المسجد، لحديث عتبان بن مالك.
السابع: وجود البرد الشديد المؤلم، لحديث ابن عمر رصي الله عنهما، أنه وجد ذات ليلة بردًا شديدًا، فأذَّنَ مَنْ مَعَه، فصلوا في رحالهم، وقال: «إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان مثل هذا أمر الناس أن يصلوا في رحالهم».[ رواه ابن حبان في « صحيحه» ]
الثامن: وجود المطر المؤذي، لحديث ابن عمر أيضًا، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: «ألا صلوا في الرحال».
التاسع: وجود العلة التي يخاف المرء على نفسه العَثْرَ منها؛ لحديث ابن عمر أيضًا، قال: «كنا إذا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فكانت ليلة ظلماء، أو ليلة مطيرة، أذن مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو نادى مناديه، أن صلوا في رحالكم». [رواه ابن حبان في «صحيحه»، وتقدم نحوه للمصنف من حديث رجل من ثقيف. 17/ 653] .
العاشر: أكْلُ الثوم والبصل إلى أن يذهب ريحها، لحديث: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة، فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها».
انتهى ما ذكره ابن حبان في صحيحه من أعذار سقوط فرض الجماعة حسبما دلت عليه الأحاديث الصحيحة بالاختصار».(10/318-320)
انتقاه: أبو بسطام إبراهيم بويران الأخضري ـ كان الله له ـ